حاجتنا إلى القرآن الكريم
[et_pb_section fb_built=”1″ _builder_version=”4.4.3″ custom_padding=”13px||22px|||”][et_pb_row _builder_version=”4.4.3″ custom_padding=”8px||11px|||”][et_pb_column type=”4_4″ _builder_version=”4.4.3″][et_pb_text _builder_version=”4.4.6″]

من جميل لطف الله تعالى بالعباد، وكمال رحمته بالخلق، أن بعث في كل أمة من الناس رسولا منهم، أنزل عليه وحيه وآياته، وأيده بحججه ومعجزاته، ليستبينوا طريق الحق والهداية، ويتبصروا حقائق الوجود هدفا وغاية، ويَحيَوا عن بينة وتبصر وعلم، وينضبطوا بقيم العدل والخير والسلم.

[/et_pb_text][/et_pb_column][/et_pb_row][et_pb_row column_structure=”2_3,1_3″ _builder_version=”4.4.3″ custom_padding=”||0px|||”][et_pb_column type=”2_3″ _builder_version=”4.4.3″][et_pb_text _builder_version=”4.4.6″ hover_enabled=”0″]

ولقد شاءت حكمة الله تعالى أن يدخر لهذه الأمة أعظم كتبه وخاتمتها الذي حوى معاني وفضائل الكتب السابقة وزاد عليها.

سماه الله عز وجل قرآنا كريما فقال: “إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ، فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ، لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ، تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ”[1].

وسماه روحا ونورا فقال: “وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ، صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ”[2]

وإنما سماه روحا لأنه سبب حياة القلوب، والمنقذ من الضلال والعبث والضياع، وسماه نورا لأنه ينير العقول والأفهام بعلومه، ويجلو ما يخيم عليها من الظلمات.

وقد كثر تركيزه على استخدام العقول وحسن استثمارها، واشتد غضبه على من يعطلها ويهملها، “إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ”[3]

وعلى هذا كان فعل القرآن في العقول والقلوب كفعل الماء في النبات، تحيى بوجوده، وتموت بفقده، ولذلك تعددت الآيات التي تشبهه بالغيث كما في قوله تعالى: “أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ”[4].

ولقد كان مالك بن دينار يقول: “يا أهل القرآن، ماذا زرع القرآن في قلوبكم؟ فإن القرآن ربيع القلوب كما أن الغيث ربيع الأرض”.

[/et_pb_text][/et_pb_column][et_pb_column type=”1_3″ _builder_version=”4.4.3″][et_pb_testimonial author=”الدكتور محمد بنكيران” job_title=”عضو المجلس العلمي المحلي للعرائش” portrait_url=”https://siraj.ma/wp-content/uploads/2020/05/Fen2.jpg” _builder_version=”4.4.6″ body_font=”|||on|||||” body_text_color=”#ffffff” body_font_size=”20px” author_font_size=”18px” position_font_size=”11px” position_line_height=”1.2em” background_color=”#25a4c4″ animation_style=”slide” hover_enabled=”0″ border_width_all_portrait=”3px” border_color_all_portrait=”#ffffff” box_shadow_style_image=”preset2″ text_shadow_style=”preset4″ animation_direction=”right”]

سمى الله القرآن روحا لأنه سبب حياة القلوب، والمنقذ من الضلال والعبث والضياع، وسماه نورا لأنه ينير العقول والأفهام بعلومه، ويجلو ما يخيم عليها من الظلمات.

[/et_pb_testimonial][/et_pb_column][/et_pb_row][et_pb_row _builder_version=”4.4.3″][et_pb_column type=”4_4″ _builder_version=”4.4.3″][et_pb_text _builder_version=”4.4.6″ hover_enabled=”0″ custom_margin=”-15px|||||”]

ولما كان القرآن بهذه المثابة، وتلكم الآثار والوظائف، استحق من الله عز وجل أن يحمد نفسه عليه قائلا: “الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا”[5].

وحق القرآن بناء على ذلك أن يُمَسِّك الناس به أشد ما يكون التمسيك “وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ”[6].

والتمسيك هو الأخذ بقوة شديدة في صورة أشبه ما تكون بذاك الذي أحاط به طوفان شديد أو حريق مهول ففزع فرَقا ورعبا، فما أن بدا له ركن يأوي إليه حتى هرع إليه واعتصم به، فليس للناس من ملجإ يعتصمون به سواه: “وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا”[7].

وأول الاعتصام بالقرآن الكريم تعهده بالتلاوة والقراءة، قال عز من قائل: “إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ، لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ”[8].

وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي ذر: “عليك بتلاوة القرآن، وذكر الله عز وجل، فإنه ذكر لك في السماء ونور لك في الأرض”[9].

ولقد روي عن بشر بن منصور رحمه الله أنه حفر قبره وختم فيه القرآن وكان ورده ثلث القرآن.

وكان أبو أمامة رضي الله عنه يقول: “اقرأوا القرآن ولا تغرنكم هذه المصاحف المعلقة فإن الله لا يعذب قلبا وعى القرآن”.

ولتعلم القرآن ودوام قراءته بكيفية سليمة وقواعد صحيحة أجر كبير، وثواب عظيم، بينه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: “يقال لصاحب القرآن اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلك عند آخر آية تقرؤها”[10]، وقال أيضا: “لو كان القرآن في إهاب ما مسته النار”[11]. أي إن من حمل القرآن وقرأه لم تمسه النار.

وقال: “من تعلم آية من كتاب بالله عز و جل استقبلته يوم القيامة تضحك في وجهه”[12].

ثم إن خير الأعمال بعد تعلم القرآن تعليمُه للناس وبثه فيهم حتى ينتشر هديه في الآفاق، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “خيركم من تعلم القرآن وعلمه”[13].

على أن أرقى ما يطلب من المرء في صلته بالقرآن بعد كل هذا هو العمل به وتطبيق أحكامه، وتمثل أخلاقه على النحو الذي يرضاه الله، فذلك هو أكبر المقاصد والغايات، والفوائد المهمات، والطريق إلى ذلك يمر عبر تدبره وإنعام النظر في معانيه، قال الله تعالى: “كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ”[14].

قال الحسن البصري رحمه الله: “والله ما تدبره بحفظ حروفه وإضاعة حدوده، حتى إن أحدهم ليقول قرأت القرآن كله ما يرى له القرآن في خلق ولا عمل”.

فأعمال الناس وأخلاقهم هي بلا شك واجهات حقيقية لكشف مدى الإيمان بالقرآن، وملاحظة التغيير الذي يحدثه هذا الكتاب الذي لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ.

فلقد أخبر الله تعالى عن قوة تأثيره فقال عز من قائل: “اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ” [15]

وقال سبحانه: “وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا، قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا، وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا، وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا”[16].

وقال أيضا: “وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ”[17].

إن ربنا تبارك وتعالى يبين في هذه الآيات الكريمات أحوال أهل الإيمان مع القرآن وما يعتريهم عند سماعه، من اهتزاز القلوب وقشعريرة الجلود، وبكاء العيون، وتلك هي حقيقة القرآن. “لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ”[18]

هذا أثره في الجبال الصماء الصلبة، فكيف لو نزل على قلب الإنسان ولاسيما قلب المؤمن المليء بخشية الله؟ “أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ”[19].

نعم إنه الخشوع الذي يحدثه القرآن في عالم الحياة والأحياء على السواء، لقوته وثقله وهيبته “إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا”.

كتاب له من التأثير ما وصفه ربنا فقال:”وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى”[20] ، أي لكان هذا القرآن.

فاللهم يا رحمن يا رحيم ارحمنا بالقرآن، واجعله لنا إماما وهدى ورحمة، وذكرنا منه ما نسينا، وعلمنا منه ما جهلنا، وارزقنا تلاوته آناء الليل وأطراف النهار، واجعله لنا حجة يا رب العالمين.

اللهم اجعلنا ممن يقيم حدوده ويحفظ حروفه ويتأدب بآدابه.

وصل اللهم على سيدنا محمد وآله وسلم تسليما كثيرا.

والحمد لله رب العالمين.

[/et_pb_text][/et_pb_column][/et_pb_row][et_pb_row _builder_version=”4.4.3″ custom_padding=”0px|||||”][et_pb_column type=”4_4″ _builder_version=”4.4.3″][et_pb_text _builder_version=”4.4.3″ custom_margin=”-17px|||||” custom_padding=”||0px|||”]

—————————-

الهوامش:

 [1] – سورة الواقعة، الآيات: 77- 80

[2] – سورة الشورى، الآيتان: 52-53

[3] – سورة يوسف الآية: 2

[4] – سورة الرعد، الآية 17

[5] – سورة الكهف، الآية 1

[6] – سورة الآعراف، الآية 170

[7] – سورة آل عمران، الآية: 103

[8] – سورة فاطر الآيتان: 29-30

[9] –  أخرجه البيهقي في شعب الإيمان ج 7: 21 تحقيق د. عبد العلي عبد الحميد حامد، الرياض: مكتبة الرشد للنشر والتوزيع، الطبعة: الأولى، 1423 هـ – 2003 م.

[10] – أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب استحباب الترتيل في القراءة، والترمذي في أبواب فضائل القرآن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: حسن صحيح

[11] – أخرجه الإمام أحمد في مسنده ج28: 595، تحقيق: شعيب الأرنؤوط – عادل مرشد، وآخرين، بيروت: مؤسسة الرسالة، الطبعة: الأولى: 1421 هـ – 2001 م

[12] – رواه الطبراني في معجمه الكبير ج 8/ 129، تحقيق: حمدي بن عبد المجيد السلفي القاهرة: مكتبة ابن تيمية – الطبعة: الثانية

[13] – أخرجه البخاري، في كتاب فضائل القرآن، باب: خيركم من تعلم القرآن وعلمه

[14] – سورة ص، الآية 29

[15] – سورة الزمر الآية 23

[16] – سورة الإسراء، الآيات: 106-109

[17] – سورة المائدة، الآية 83

[18] – سورة الحشر، الآية 21

[19] – سورة الحديد، الآية 16

[20] – سورة الرعد الآية 31.

[/et_pb_text][/et_pb_column][/et_pb_row][/et_pb_section]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *