[et_pb_section fb_built=”1″ _builder_version=”4.4.5″ custom_padding=”10px||8px|||”][et_pb_row _builder_version=”4.4.5″ custom_padding=”10px||7px|||”][et_pb_column _builder_version=”4.4.5″ type=”4_4″][et_pb_text _builder_version=”4.4.5″ hover_enabled=”0″ custom_padding=”6px|||||”]

لشهر رمضان المبارك مكانة سامقة في قلوب المسلمين؛ لِمَا شرع الله فيه من ألوان الطاعات، وصنوف الخيرات والبركات؛ ولذلك كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يسأل ربه أن يبلغه هذا الشهر الأبرك.

ومن أبرز ألوان الطاعات التي يتقرب بها المسلمون إلى مولاهم -عز وجل- في هذا الشهر الكريم  الصيام، والصيام فرصة سانحة لتمرين النفس على تزكيتها، وتهذيب سلوكها، والابتعاد بها على الرذائل؛ أي: أنه فرصة (للتخلية والتحلية) .

 ومن ألوان التزكيات التي يسهم فيها الصيام أنه يهيئ الصائم لمراقبة الله تعالى.

مراقبة الله تعالى

فقد ورد في الحديث القدسي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” قال الله: كل عمل ابن آدم له، إلا الصيام، فإنه لي وأنا أجزي به …” (رواه البخاري).

فهذا الحديث يدل على أن عنوان الصيام في رمضان هو مراقبة الله تعالى، هذه المراقبة هي التي تجعل العبد يدع طعامه وشرابه وكل الشهوات التي من شأنها أن تؤثر في صيامه بُغيةَ وصوله إلى مرضاة مولاه، مما يهيئه ذلك إلى أن يرتقي إلى درجة الإحسان التي عنوانها “أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك” وهذا مقام المشاهدة.

فقوله صلى الله عليه وسلم: “إلا الصيام فإنه لي” لا يفهم منه أن الأعمال الأخرى ليست له، بل الأعمال كلها له، وهو الذي يجزئ بها، وإنما خص الصيام بالذكر؛ لأنه لَمَّا كانت الأعمال يدخلها الرياء، والصوم لا يَطَّلع عليه بمجرد فعله إلا الله، فأضافه الله إلى نفسه” (فتح الباري بتصرف).

وقال الإمام النووي في أحد معاني تأويل الحديث: “إلا الصوم فإنه لي”:  “لأن الصوم بعيد من الرياء؛ لخفائه، بخلاف الصلاة، والحج، والغزو، والصدقة، وغيرها من العبادات الظاهرة” “شرح صحيح مسلم”.

فهذا مما يبرهن على أن الصوم سياج سميك يقي العبد من اجتراح السيئآت -بما فيها الشرك الأصغر- ويرتقي به إلى مقام مراقبة الله تعالى في سره وعلانيته.

مقام المراقبة

وحينما يصل العبد إلى مقام المراقبة الذي يثمر له الإحسان، ينال الأجر الموعود به في الحديث “فإنه لي وأنا أجزي به” وعِظَم الأجر لا يوصف، ولا يعرف أحد مقداره.

وقد نقل الحافظ ابن حجر عن الإمام أبي العباس القرطبي قوله: “إن الأعمال قد كشفت مقادير ثوابها للناس، وأنها تضاعف من عشرة، إلى سبعمائة، إلى ما شاء الله، إلا الصيام فإن الله يثيب عليه بغير تقدير.

 ويشهد لهذا السياق الروايةُ الأخرى، “كل عمل بن آدم يُضاعف، الحسنةُ بعشر أمثالها، إلى سبعمائة ضعف، إلى ما شاء الله، قال الله: إلا الصومَ فإنه لي وأنا أجزي به” ؛ أي: أجازي عليه جزاء كثيرا من غير تعيين لمقداره، وهذا كقوله تعالى: “إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب” [الزمر: 11] و”الصابرون” الصائمون في أكثر الأقوال”  “فتح الباري بتصرف”. 

وقال الإمام النووي: “وقوله تعالى: “وأنا أجزي به” بيانٌ لِعِظَم فضله، وكثرة ثوابه؛ لأن الكريم إذا أخبر بأنه يَتولَّى بنفسه الجزاء، اقتضى عظَمَ قدْرِ الجزاء، وسَعةَ العطاء”

هذا، وإذا ارتقى العبد بصيامه إلى مقام المشاهدة والمراقبة في رمضان فإنه بذلك يكون قد درّب نفسه على المشاهدة والمراقبة في كل تصرفاته وتحركاته في حياته كلها؛ لأنه يستحضر نظر الله إليه، واطلاعه على علانيته وسره.

وختاما فلنجعل رمضان فرصة لتمرين النفس على مراقبة ربها، ودُنُوِّها من مولاها.

ذ.عمر اغبالو

[/et_pb_text][/et_pb_column][/et_pb_row][/et_pb_section]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *